القوة ونظرية الصراع !!!
م . هاشم نايل المجالي ..
كثير ما نجد بعض المسؤولين في العديد من الدول ونتيجة للازمات المتنوعة ، قد اصبحت لديهم حالات من التقلبات المزاجية وسمات صحية مختلفة ، تؤثر على مسيرته العملية وقراراته الغير موزونة ، خاصة اذا كانت هذه الازمات تحمل ابعاداً تاريخية وسياسية واقتصادية وتحمل في باطنها نوايا سلبية .
هذه الحالة تسمى بالاضطراب ثنائي القطب وهي حالة صحية عقلية تتسبب في تقلبات مزاجية مفرطة ، ويشعر خلالها المسؤول الامتلاء بالطاقة وسرعة الغضب على نحو غير معتاد ، لتؤثر على قراراته وسلوكه والقدرة على التفكير بوضوح وبشكل سليم ، واعراض انفعالية وتسارع الافكار مع تشتت في اتخاذ القرار ، والتعرض للمخاطر المتعددة والمتنوعة مقرونة بسلوكيات متقلبة ، ساعياً لتحقيق ما يدور في فكره دون تردد او حسبان للمخاطر التي من الممكن ان تعترضه .
حيث يعتبر كثير من القادة للدول الكبرى ان القوة هي احد مقومات الدولة من اجل تحقيق مصالحها ، وهي الوسيلة والاداة التي من خلالها ، تفرض الدولة مكانتها وهيبتها في فلك النظام الدولي كفاعل رئيسي ، فلا يمكن تحقيق مصالحها بدون القوة ، وتحتاج لمزيد من الموارد لتعزز هذه القوة .
حيث ان مفهوم القوة هو مقياس لقدرات الدولة لان القوة هي السلطة والسلطة يكمن بها الاكراه والاجبار ، وهنا بالامكان اجبار الاطراف الاخرى واي دولة مجاورة على القيام والانصياع والاذعان لرغبات تلك الدولة ، خاصة اذا كانت تحقق مصالحها الامنية والاقتصادية .
فلا يكون هناك خيارات سوى التي يحددها الطرف القوي على حساب الطرف الضعيف وفق عدة مراحل ومستويات ، وتكون المرحلة الاولى بالاقناع والتأثير ، وان لم يكن هناك استجابة فسينتهي بالاجبار القسري العسكري وغيره ، اي تطبيق مفهوم القوة بكافة ابعاده وامكانياتها العسكرية .
فأمريكا احد اكبر النماذج لمفهوم الدولة التي تمتلك القوة بقدراتها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية ، والتي استغلتها في تحقيق مصالحها ومكاسبها في التدخل بالعديد من الدول الضعيفة امامها ، التي تصبح تطيع اوامرها ولديها الاداة في اجراء التغيرات والتحولات الرئيسية لسلوكياتها ، مقابل الحماية والامن والاستقرار .
ولما ظهرت دولة اخرى بنفس المواصفات مثل الاتحاد السوفيتي فهذا يعني اختلال في ميزان القوى العالمي ، ويكون هناك صراعات خفية تكون على حساب دول اخرى ، ويكون هناك الصراع التكنولوجي والاقتصادي والمالي وغيره ، اي ان كل دولة مع حلفائها تسعى الى تدمير اقتصاد الدولة المضادة لها بشتى الوسائل الممكنة ، اي ان صانعي القرار السياسي في هذه الدول تصبح لديهم حالة اضطراب ثنائي القطب ، باتخاذ القرارات المختلفة الغير موزونة والسلوكيات الغير عقلانية ، هذه القوة لكلا الطرفين او القطبين تسمى بالقوة الصلبة .
وهي القدرة على فرض السيطرة كل منهما على الآخر ، عن طريق الاكراه او التدخل العسكري المبطن او العلني على حساب دول اخرى وتحفيز دول اخرى لمناصرتها .
ويتحول هذا الصراع الى تفاعلات دولية عالمية في صراع شامل ، ويقسم العالم الى معسكرين ينتمي كل معسكر الى قطب من الاقطاب كل حسب مصالحه ، مع استبعاد للبعد الاخلاقي في التعامل ويكون البعد الانساني صوري اعلامي في عالم غير مسالم فكل قطب يدافع عن وجوده ومكانته وهيبته دون تنازل او مساومة ، وهذا ما يحصل حالياً على ارض الواقع ، والامثلة كثيرة على قرارات قادة الدول ( انظمة الحكم) العظمى باستخدام القوة المفرطة وعلى ارتباط هذا التشخيص بوقائع حدثت ، مثلاً من اجل ارغام اليابان على الاستسلام في نهاية الحرب العالمية الثانية ، تم القاء القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما وقنبلة ثانية تم القاؤها على مدينة نجاساكي ، في غياب للضمير وضحاياها الشعب .
كذلك الامر في فيتنام عندما تم استعمال قنابل النابالم ومادة الاورنج السامة ، لتحرق الغابات وتسمم السكان ، كذلك الامر عندما تم استخدام القنابل المخصبة بمادة اليورانيوم المشعة في العراق ، وما سببته بالسكان من امراض وسرطانات .
اي انه كان للقادة حينئذٍ افكار وسلوكيات عدوانية رافقتها احياناً حالات من التصرفات الهستيرية ، وها نحن نشاهد كيف تتعامل امريكا والدول الغربية حول المشكلة الاوكرانية بحالة من اللاعقلانية تستفز روسيا للقيام باعمال ايضاً غير عقلانية .



