فاقد المياه وفاقد الشيء لا يعطيه
عبدالله المجالي
من المفارقات أن البلد الذي يعد ثاني أفقر بلد في العالم من حيث المياه، يعاني من فاقد في المياه يصل إلى 47%؛ بمعنى أن نصف المياه التي تضخها الدولة تسيل في الشوارع قبل أن تصل إلى المواطنين. وإذا أضفت إليها كمية المياه المتسربة من خزانات ومواسير المنازل نتيجة أعطالها الدائمة، فسنكون أمام رقم صادم.
وحسب المنتدى الاقتصادي الأردني فإن فاقد المياه هو من أهم المشاكل الرئيسية في قطاع المياه حيث تبلغ نسبته 47 بالمئة، في حين تتكبد الموازنة العامة دعماً مالياً مباشراً يقدر بـ 260 مليون دينار. والمعلوم أن الفاقد هو عبارة عن تسرب مياه نتيجة تهالك شبكة المياه أو نتيجة الاعتداء عليها أو نتيجة السرقة.
هذا الفاقد الضخم لا زال يظهر رغم المشاريع الضخمة التي صرفت عليها مئات الملايين لمعالجة المشكلة وتخفيض الفاقد.
مشروع الألفية الذي نفذته شركة تحدي الألفية في مدينتي الزرقاء والرصيفة (2012-2016) بقيمة 275 مليون دولار وبتمويل أمريكي، عمل على تحديث شبكة المياه وتحديث 800 كم من أنابيب المياه وتركيب 50 الف عداد مياه جديد.
كما قدمت الحكومة الفرنسية في 2014 منحة تقدر بنحو 22.5 مليون دينار لتأهيل شبكات المياه في مناطق الشمال وصيانتها بهدف تقليل الفاقد المائي.
وقدمت الوكالة الأميركية للإنماء والتعاون الدولي (USAID) منحة قيمتها 30 مليون دولار وعززتها بـ 30 مليون أخرى لخفض الفاقد المائي في عمّان ومأدبا والزرقاء والعقبة.
مشاريع كبيرة أنجزت وصرف عليها مئات الملايين، بل بحسب وزارة المياه والري فإن الحكومة أنفقت خلال الأعوام 2013 – 2018 أكثر من 3 مليارات دينار من موازنتها على قطاع المياه. ومع ذلك ففاقد المياه يصل إلى 47%!!
وزير مياه سابق كشف في 2019 لقناة المملكة أن هناك 5 أشخاص يسرقون مياهًا في جنوب عمان منذ عام 2011 وتتجاوز كمية المياه المسروقة من الخطوط الرئيسية 8 ملايين م3 سنويا!! ويرجح الوزير أن نسبة السرقة من نسبة الفاقد العامة قد تصل إلى 40%. في حين أن أمين عام وزارة المياه وفي ذات البرنامج قال إن الفاقد بسبب السرقة يصل إلى 60-70%!!
ماذا يعني هذا؟ يعني أننا نصرف المليارات (معظمها منح) لخفض الفاقد في مشاريع تحسين شبكات المياه، فيما ثلثا الفاقد هو جراء السرقة!! وإيقاف السرقة كما هو معلوم لا يحتاج إلى مصاريف كبيرة، بل يحتاج إلى إرادة، وتفعيل المادة السادسة من الدستور “الأردنيون أمام القانون سواء”
