رؤية إسميك .. نداء عاجل للتحرك قبل أن تصل سوريا إلى نقطة اللاعودة
عين الاردن…
مقال رائد الاعمال المفكر العربي حسن اسميك : جاء في الأثر إن “البيت المنقسم على نفسه لا يصمد”، وإذا كان هذا ينطبق على المنازل الصغيرة، فكيف بأوطان مزقتها الصراعات وأثقلها الجمود السياسي، وسوريا الحبيبة اليوم خير مثال على سوء منقلب الانقسام بين السلطة والمجتمع والتعالي على المصالحة الوطنية والإصلاح السياسي رغم أنها اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وفي ظل هذا الواقع المعقد، تبرز رؤية المفكر العربي حسن إسميك كخارطة طريق تحمل الأمل لإعادة البناء وتحقيق المصالحة الوطنية، حيث يشير إلى أن استمرار غياب الحوار الجاد بين الأطراف السياسية يعدّ من أكبر العقبات التي تواجه الحل في سوريا، وأنه من دون تفاهمات وطنية، تبقى البلاد رهينة للانقسام المهدد للنسيج الاجتماعي والمعيق لعمليات إعادة الإعمار سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا.
ويشدد إسميك على أن غياب الحوار الحقيقي بين مختلف التيارات السياسية يعدّ من أخطر العوامل التي تعيق الحلول في سوريا، إذ يهيمن التناحر والانقسامات على أي محاولات للخروج من الأزمة.
وبينما تستمر التصريحات الرسمية بالحديث عن المصالحة والإصلاح، يعكس الواقع استمرار أدوات القمع والتخويف، التي تعمّق الفجوة بين السلطة والمواطن، وهذا يثير تساؤلًا جوهريًا: كيف يمكن بناء وطن مستقر في ظل انعدام الثقة بين الطرفين.
ويرى إسميك أن الحل لا يكمن في الحلول الجزئية أو المؤقتة، بل في إصلاح سياسي شامل يشمل كافة القوى المجتمعية والمدنية والسياسية، بعيدًا عن المصالح الفردية والحسابات الضيقة، ويقترح عدة ركائز أساسية لتحقيق ذلك، أبرزها:
إطلاق حوار وطني شامل جامع للوصول إلى تفاهمات تؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار، وترسيخ دولة المؤسسات والقانون: لضمان حكم ديمقراطي يحترم الحقوق والحريات، بعيدًا عن التفرد بالحكم أو الهيمنة الحزبية.
إضافة إلى إنهاء القمع وتهيئة بيئة آمنة للحريات: حيث لا يمكن تحقيق أي إصلاح حقيقي في ظل استمرار القمع وتكميم الأفواه، كما يبرز أهمية تعزيز دور المجتمع المدني: من خلال منحه مساحة حقيقية للمشاركة في صناعة القرار، خصوصًا في ملفات المصالحة الوطنية وإعادة الإعمار.
وفي الحقيقة فإن هذه الإصلاحات ليست مجرد خيارات، بل أصبحت ضرورة حتمية لإنقاذ سوريا من قد تأخذها بعيدا لا قدر الله.
لا تمثل رؤية إسميك مجرد شعارات نظرية، بل هي طرح عملي قابل للتطبيق إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية، غير أن تنفيذها يواجه عقبات كبيرة، أبرزها تمسك بعض الأطراف بسياسات المماطلة والمصالح الضيقة التي تعيق أي تحول جاد.
ومع ذلك، فإن تأكيد إسميك على أن البديل عن الإصلاح ليس سوى المزيد من الفوضى والانهيار يجعل التحرك السياسي والمجتمعي أمرًا لا يقبل التأجيل.
فبعد أكثر من 13 عام على بدء الأزمة وأكثر من شهر على تطورات المشهد بخروج الأسد من المشهد السياسي بات واضحًا أن الحلول الجزئية لم تحقق أي استقرار، بل أدت إلى تعقيد الأزمة أكثر وبالتالي فإن التغيير القائم على التفاهمات الوطنية قد يكون المخرج الوحيد لإنقاذ البلاد.
وتشكل رؤية حسن إسميك نداءً عاجلًا للتحرك قبل أن تصل سوريا إلى نقطة اللاعودة، فهي ليست مجرد أفكار نظرية، بل خارطة طريق قابلة للتطبيق لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة.
واليوم، تقع المسؤولية على عاتق القوى الفاعلة التي ينبغي عليها تجاوز الحسابات الضيقة ووضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات أخرى.
سوريا بحاجة إلى قرارات شجاعة بقدر حاجتها إلى الواقعية، وما يقدمه إسميك يجمع بين الاثنين، وهذا ما يجعل رؤيته طرحًا يستحق الدراسة والتنفيذ، فالإصلاح السريع للمسار لم يعد رفاهية، بل بات ضرورة مصيرية تحدد مستقبل الوطن.



