
كتب مروان التميمي..
قطر ليست جزيرة على الخليج ولا رقعة على الخريطة، بل هي معنى يتجاوز المكان، وروح تسري في وجدان العرب. وحين يطالها العدوان الإسرائيلي الغادر، فإنما يستهدف رمزا للكرامة، وصوتا للحق، وقلبا نابضا للأمة التي ما توانت يوما عن نصرة المظلومين. إنهم لا يهاجمون دولة بحدود، بل يواجهون فكرة صلبة، وإرادة عصيّة، وهوية لا تلين.
لقد أثبتت قطر عبر تاريخها الحديث أنها ليست على هامش السياسة، بل في قلبها؛ وليست رقما صغيرا، بل رقما صعبا. كانت دائما في صف الحق، تجهر بكلمة المظلوم حين صمت غيرها، وتضع النقاط على الحروف حين تلجلجت الأصوات. فصوتها لم يكن صوت دولة تبحث عن دور، بل كان ضمير أمة يبحث عن خلاص.
من قلب الأردن نقول لقطر: عزتكم عزتنا، وكرامتكم كرامتنا، وما يصيبكم يسري في دمائنا كما يسري فيكم. نحن لا نقف معكم بوصفنا أشقاء فقط، بل بوصفنا جزءا من مصير واحد، وصفا عربيا لا يتجزأ.
وإذا كانت الأوطان تُقاس بحجم قادتها، فإن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد أعاد تعريف معنى القيادة في زمن العواصف. لم يتكلم بلسان قطر وحدها، بل بلسان العروبة التي أُريد لها أن تضعف. بحنكته ووعيه حوّل التحديات إلى فرص، والحصار إلى مدرسة في الصمود، والأزمات إلى منصات عزّ ترفع من شأن بلاده. لم يساوم على الحق، ولم يخضع للباطل، فصار اسمه مرادفا للشجاعة الحكيمة، وقيادته نموذجا يُدرّس في إدارة الأزمات وصناعة المكانة.
إن قطر بقيادة تميم لم تعد مجرد دولة، بل تجربة ملهمة، شاهدة على أن السيادة لا تُشترى، وأن الكرامة لا تُباع، وأن العظمة ليست بحجم الأرض بل بعمق الرسالة. لقد أراد خصومها أن يحاصروها، فإذا بها تحاصرهم بقوة حضورها، وصدق مواقفها، وجرأة قرارها.
وستبقى قطر، مهما تكاثرت سهام الباطل، منارة لا تنطفئ، وراية لا تنحني. ستظل علما خفاقا في سماء الأمة، وشعبها العظيم أيقونة للوفاء والصمود، عصيّا على الانكسار، مقدّرا أن يبقى شوكة في حلق الباطل ورمزا للكرامة التي لا تزول، بقيادة أمير جعل من السياسة رسالة، ومن العروبة عهدا، ومن الحق طريقا لا رجعة عنه.