مؤتمر مستقبل الإعلام والاتصال: تكرار في الخطاب وغياب في المخرجات

عين الاردن…انعقد ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال في نسخته الثالثة وسط حضور واسع ومداخلات متعددة، لكنه ورغم ما حمله من عناوين كبرى حول حرية التعبير والتحديات الإعلامية، ظل أقرب إلى تكرار للخطاب العام من دون أن يقدم مخرجات عملية أو خطط قابلة للتنفيذ.
المؤتمر في نسخته الثالثة بدا وكأنه إعادة إنتاج لخطاب عام أكثر منه منصة تقدم نتائج ملموسة أو حلول عملية، فرغم حجم المشاركة الكبير وتنوع المتحدثين والجهات المشاركة، لم يظهر أن هناك مخرجات قابلة للقياس أو خطط تنفيذية واضحة يمكن البناء عليها. غابت المتابعة لما تحقق في النسخ السابقة، فلم نر تقييما جادا لما أنجز أو لم ينجز، مما جعل المؤتمر يبدو وكأنه مجرد مناسبة خطابية تتكرر كل عام دون أثر متراكم. الشعارات التي تكررت حول حرية التعبير والحرية المسؤولة ومكافحة التضليل الإعلامي لم تُترجم إلى خطوات واقعية أو إصلاحات تشريعية أو مبادرات مؤسسية تترك أثرا على المشهد الإعلامي. في المقابل لا تزال المنطقة والأردن ضمن مؤشرات متأخرة في حرية الصحافة، ما يعكس فجوة واضحة بين الخطاب الرسمي والواقع الملموس.
ورغم أن عنوان المؤتمر يتحدث عن مستقبل الإعلام والاتصال، فإن القضايا الجوهرية المرتبطة بالمستقبل مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لم تُطرح إلا بشكل عابر، من دون برامج تدريبية أو أوراق عمل تقنية أو خطط مواجهة حقيقية، وهو ما أفقد المؤتمر عنصر الجدية في معالجة التحديات المستجدة. حتى المبادرة التي أُعلن عنها والمتعلقة بإنتاج محتوى رقمي لطلبة الجامعات بدت محدودة جدا ولا ترقى لحجم الطموح أو التحديات. أما الحضور الدولي من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الدولي للصحفيين فقد ظل في إطار كلمات دعم تقليدية دون أن يتحول إلى شراكات أو التزامات جديدة يمكن أن تترك أثرا ملموسا.
في المحصلة بدا الملتقى وكأنه منبر سياسي وإعلامي لتكرار الخطابات العامة أكثر من كونه مساحة لتطوير سياسات جديدة أو إطلاق مبادرات مؤثرة. ولكي يكتسب قيمة مستقبلية حقيقية يحتاج أن يتحول إلى منصة عملية تصدر عنها خطط تنفيذية واضحة وتوصيات قابلة للمتابعة، مع ربط كل نسخة بأهداف محددة ومؤشرات قياس، وإدماج برامج تقنية متقدمة تعكس فعلا عنوانه كمؤتمر لمستقبل الإعلام.