ويعلمنا طلال أبو غزاله

السّلام… وقانون أولادي الخمسة

د . عماد الخطيب

إنه لا يتكلم باستقلالية وحيادية

بل يتكلم لأنه “فلسطيني”، يقول: “ولدتُ في يافا عام 1938 وهجّرتُ منها بسبب الاحتلال الصهيوني لـ “فلسطين” عام 1948، ثم لجأتُ إلى لبنان، وتخرجت في جامعتها الأمريكية عام 1960، ثم انتقلتُ إلى الكويت، أعمل هناك مدة 30 عامًا، وأسّستُ خلالها هذه المجموعة التي أفتخر برئاستها وهي “مجموعة طلال أبوغزاله العالمية” بفروعها التي تزيد الآن عن 100 مكتب في العالم.. ثم كُرّمتُ بالجنسيّة الأردنية.. فأنا فلسطيني.. أردنيّ.. عربيّ.. مسلم ابن هذه الأمّة العربيّة… ولدتُ في يافا/ فلسطين، وتلقّيتُ تعليمي في لبنان، وأسّستُ عملي في الكويت، وانطلقتُ، وانتّشرتُ عالميًّا من الأردن”.

ويؤلم الدكتور طلال أنّ إعلامنا أصبح الآن يتحدث عن فلسطين بوسم “إسرائيل” فأين فقهوا ذلك! ويتحدثون عن عملية سلام عربية، لا أساس لها من صحة من حيث المنطق أو التاريخ، يقول: “إن قضية فلسطين قضية بسيطة جدًا: هناك دولة اسمها فلسطين من النهر إلى البحر محتلة منذ عام 1948 ، وتاريخيًا كل احتلال مصيره إلى الزوال، وإن هذا الاحتلال سيزول”، وإذا اتفقنا أن لكل دولة شعبًا وتاريخًا، فبالتالي نحن أمام مستعمر يحاول تغيير هوية الأرض وشعبها، وما من عربي مقتنع بذلك، والدليل ما أسموه له بـ(صفقة القرن!) تهويلًا وتشجيعًا له على قلب الحقائق”.

ويعلمنا طلال أبوغزاله أن صفقة القرن المتمثلة بالسلام بين العرب وإسرائيل جُنّدت لها كل الإمكانيات الأمريكية والإسرائيلية، ولم يجد هذا الفريق المشترك شخصًا واحدًا يؤيد هذه الصفقة، وأنها ظاهرة عجيبة! الصفقة ليست صفقة، بل مجرد رأي، وليس كل حبر على الورق يكون واقعًا على الأرض!

هو لست متحمسًا، ولا يشعر بالضيق ولا أتألم، أتكلم بكل هدوء فمن حق أمريكا ورئيسها أن يعبّروا عن رأيهم في أي دولة بما فيها فلسطين، كما هو من حق أي دولة أن تتخذ رأيًا فيما يخصها، ولكن من حق (فلسطين وأهلها) أن يقولا: “البلد لنا ولا يملك الحق بالتوقيع وصك الملكية سوانا”.

إن في كل قصة تُسْرد عن أحد أبناء الشّعب الفلسطيني أو إحدى بناته عظمة لا مثيل لها، فقد سمعنا عن امرأة تجلس على حطام منزلها الذي دمره الاحتلال وتقول بكل ثقة وتفاؤل: “سأبقى على هذه الحجارة، وأعيد بناءه”، وسمعنا عن امرأة أخرى تقول: “أنجبت عشرة أولاد (خمسة لي وخمسة للوطن) وفي سبيل تحريره”، وسمعنا عن فلسطيني يحمل ابنه على كتفه، وعلى جبينه عبارة كتبها (شهيد المستقبل)، وسمعنا عن (عهد التميمي) البطلة المعتقلة؛ لأنها صفعت ضابطًا، وعند ذهابها إلى المحكمة العسكرية سألها رئيس المحكمة: “هل قمتِ بصفعه؟”، قالت: “نعم”، فقال لها: “كيف؟”، قالت له: “فك الغلال الذي على يدي لأريك كيف!” هذه الفتاة التي في صباها تملك جرأة وقوة، كثير منّا لا يملكه؛ لأنها ترضعها رضاعة..

فهل ثمة مسوّغ ليدعو إعلامنا دولة فلسطين بـ (إسرائيل)! لقد كانوا يظنون أنه عند انتهاء الجيل القديم أمثالي.. أنه لن يكون هناك جيل يشعر بالوطنية والانتماء، وأنهم سيؤمنون بمشاريع السلام وصفقة القرن بل صفقات القرن! وهذا وهْم، وما ثبت هو العكس، فالأجيال القادمة أكثر تعلقًا بالوطن من الجيل القديم..

وليس هناك إلا خياران إما أن ينتهي الاحتلال وتعود الأراضي الفلسطينية كاملة أو أن تصبح دولة ديمقراطية ترحّب بوجود الأقلية من اليهود على أراضيها، بحقوق متساوية. لن نقوم بظلمهم كما كانوا في البلدان الأخرى ومرحب بهم. فلسطين ليست قصة مفاوضات ولا تنازلات ولا مشروع سلام. فلسطين لا يستطيع أن يقرر بشأنها زعماء الدّول، نحن نرضى بفلسطين دولة ديمقراطية فيها أقلية يهودية كما هو الحال في أنحاء العالم. ولن يحلم بها رئيس الاحتلال بأن تصبح دولة يهودية، فهي دولة فلسطينية وأهلا بك مواطن أجنبي بها.

يعلمنا طلال أبوغزاله أن فلسطين ستعود كما كانت ملكيتها لأهلها، فشهادة ولادته المعلقة في مكتبه مكتوب عليها “دولة فلسطين” ولم يكتب عليها عبارة دالة على وطن غيره، وأننا سنعود كما كنا.. وأننا لا نحارب بظلم بل بالحق، وسنقاوم بكل الوسائل المشروعة، وأولها الصمود، فنحن نرى كيف يعيش أبناء الوطن تحت العنفوان الصهيوني، ورؤوسهم مرفوعة.. يقتل الشهيد ورأسه مرفوع، يستقبل الرصاص في جبينه ووجهه مرفوع. هذا الشعب شعب عظيم لا يمكن أن يهزم وسيحقق الاستقلال ويحرر فلسطين.

هناك مقولات كثيرة بأن (الحق هو القوة) والحقيقة أن: “القوة هي الحق”.. الحق معنا وبالتالي القوة معنا.

الاحتلال يجب أن ينتهي، ويعود للوطن استقلاله فلا قلق؛ لأنه لا يمكنكم أن تحققوا النّجاح والإيجابية إلا إذا كان هناك ثقة وتفاؤل وإيمان بالمستقبل.. فالمستقبل لنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى